ارتقى محمد شاويش (الثائر الديسمبري المستنفر)
بقلم: محمد علي
كان الزميل الشهيد محمد شاويش صادقاً في معارضته للإنقاذ، ثوريا لا يبتغي بثوريته مغنما أو منصبا، وكنت عندما أراه يقود المواكب أحاول في مرات عديدة اختبار إيمانه بالثورة. فأقول له أنت يا شاويش مهندس محترف تعمل بشركة بترول كبرى ، ويفترض بتصنيف الثوار أنك مستفيد من دولة حكومة الكيزان على الأقل وجدت تعليما ممتازاً وحصلت على وظيفة مرموقة قد لا تتوفر لغيرك او لم يجدها غيرك!
فالثورة التي تقودها قد تكون ضدك أليس كذلك! فأجده مؤمنا بثوريته يطالب بتغيير النظام عن قناعة لا ترتبط بمصلحة خاصة، نبيلا حتى في تعبيره عن ما يؤمن به، ويقول لي لو أن مصلحة لي شخصية بدت من خلال عملي الثوري لكنت توقفت في الحال وتركت الثورة ...هل تريدني أن أقسم لك بالله يا أبو مغفرة لتصديق ما قلت؟ فأقول لا عليك.
ومن عجائب أمر محمد شاويش أنه وبسبب قيادته للعمل النقابي أثناء حكومة الثورة وبعدها تم فصله بخطاب من مجلس إدارة الشركة بلغة أخرى (تم طرده من الخدمة) فواصل السير في النضال دون تردد. وبحث عن رزقه الحلال في غير شركات البترول زرع الفول السوداني في أراضي أهلي المعاليا بمنطقة شارف ريفي عديلة بشرق دارفور حيث تكونت لديه خبرة عن مناطقنا هناك خلال سنين عمله في النفط ، ولما نشبت حرب الجنجويد العبثية ، ولأنه أصدق منا بل أفضل وأشرف.
إنتظم مبكرا في صفوف الجيش متطوعا قبل دعوة المستنفرين، أبلغته أنني بلغت سلاح المهندسين ولكن لم يتم تسليحي، ولكن كيف حصلت على السلاح وكيف قبلت بصفوف الجيش حتى نراك متسلح وتتحرك في الميدان؟!.
لعلهم عرفوا مصداقيته أو ربما جائهم خفيفا غير متثاقل متقدماً غير متأخر.
لقد كان محمد شاويش كثيرا ما يعبر بثقافته الواسعة وبيانه الفصيح عن القضية وعن سير الحرب ويحسن توصيفها ويحسن إجلاء الحقائق الغامضة، ونظرة إلى حسابه في فيسبوك Mohamed Shaweesh تزيل اللبس وتفك الطلاسم لكل من اختلط عليه الحق بالباطل.
كان الشهيد يرحمه الله وطنيا حصيفا مخلصاً ، شديد التأثر بما يجري في الوطن كل الوطن، يسألني باعتباري أحد أبناء المعاليا كثيراً ويقول لي إنني كنت أتوجه بذات السؤال لأبناء الرزيقات الذين أعرفهم؟ عن أسباب النزاع القبلي الذي عايشته هناك في مناطقكم ، ولم أعرف أسبابه حتى الآن؟ ولعل ما كنت أقوله له عن ذلك النزاع العبثي لم يكن يدركه إلا بعد أن نشبت حرب ابريل العبثية لعله أدرك إجابة السؤال (أين دوركم في إيقاف تلك الحرب العبثية بين المعاليا والرزيقات؟! ولماذا سالت كل تلك الدماء وأنتم نراكم في مواقع يمكنكم من خلالها التأثير على أهلكم!).
لم أكن استغرب ولم أكن اتفاجأ بخبر استشهاده، فإيماني العميق بأن محمد شاويش صاحب مبدأ وقضية، يبتغي إحدى الحسنيين نصر أو شهادة ، فاختار الله له الشهادة اليوم ، لم يكن يأبه لما طفق يردده داعمي المليشيا عن المستنفرين وعن وصف ووصم كل من قاتل أو وقف الى جانب القوات المسلحة بأنه من الفلول أو الكيزان ، لم يأبه الشهيد شاويش لذلك وميز تماماً بين الكيزان الذين عارضهم بشرف وثار ضدهم بصدق، وبين حب الوطن والوقوف إلى جانب الحق، فدفع ثمن معارضته طردا من الخدمة في البترول وهو المهندس المحترف الحاصل على ماجستير إدارة الأعمال النقابي المناضل والخطيب المفوه.
ها هو يقاتل إلى جانب القوات المسلحة متقدما غير متأخر على بصيرة من أمره حتى أصيب فاستشهد، وإن يكن في الناس من يظن أو يقول إنه من الكيزان فشرف للكيزان أن يكون من ضمنهم مقاتلا مجاهدا صادقاً مثل محمد شاويش، وإن يكن من الناس من يؤمن بثورية محمد شاويش ووطنيته فشرف للثوار (الديسمبريين) والوطنيين جميعاً أن يكون من ضمنهم وينسب إليهم الشهيد محمد شاويش.
إن القلب ليحزن وإن الوطن ليخسر وإن العين لتدمع ولكنا لا نقول إلا ما يرضى الله ، إنا لله وإنا إليه راجعون.
أبو مغفرة يشعر بالحزن
محمد ادم
التسميات
منوعات