كيف علّم السودان الإمارات فنون الدفاع... ثم حاربوه! (قصة الرائدين البشير والجاك بشير)
المكان: دولة الإمارات العربيه المتحده
الزمان: العام 1977م
الشخصيات: الرائد عمر حسن أحمد البشير، والرائد الجاك بشير العوض
في زمن لم تكن فيه الإمارات أكثر من دولة ناشئة تتلمّس طريقها في العالم، أرسلت الخرطوم أبناءها إلى الخليج، ليس فقط للعمل أو التبادل الثقافي، بل لبناء مؤسسة عسكريه من الصفر. كانت سنة 1977، حين وطأت أقدام الرائد عمر حسن أحمد البشير وزميله الجاك بشير العوض أرض الإمارات في مهمة وطنيه ضمن إطار التعاون العسكري بين السودان والإمارات.
السودان يصدر العقول
قد يصعب على البعض اليوم تصديق ذلك، لكن السودان في السبعينيات كان يُعتبر منارة فكرية وعسكرية في إفريقيا والعالم العربي. كانت جامعاته تخرّج الكفاءات، وجيشه منظمًا وذو هيبة، ومؤسساته الإدارية والتعليمية نموذجًا يُحتذى به.
في ذلك الوقت، لجأت دول الخليج، وعلى رأسها الإمارات، إلى الخبرات السودانية لبناء الدولة من الداخل. لم يكن هناك ضباط إماراتيين كُثر، ولا مؤسسات تدريب عسكري بالمعنى الحقيقي. وهنا جاء دور السودانيين.
الرائد البشير والجاك بشير: مؤسسو أول نواة الجيش الإماراتي
عمل الضابطان السودانيان على تدريب وتأسيس أولى وحدات الجيش الإماراتي، زارعين في نفوس الجنود قيم الانضباط والقيادة والوفاء. لم يكن ذلك سهلًا، فقد كانت البيئة مختلفة، والمهام جسيمة. لكنهم فعلوها... بنجاح.
لم يُدرّسوا فقط أساليب القتال، بل علّموهم أيضًا كيف يُبنى جيش، وكيف تكون العقيدة القتالية الوطنية. كانوا بمثابة آباء روحيين لأول دفعة من الضباط الإمارتاتيين.
ليسوا وحدهم... السودان في كل زاوية من بناء الإمارات
لم تكن البعثة السودانية مقتصرة على البشير والجاك بشير. آلاف السودانيين ساهموا في تأسيس دولة الإمارات في مختلف المجالات:
أول مناهج التعليم في الإمارات كانت مستوردة من السودان.
أول المعلمين، والأطباء، والمهندسين، والقضاة... سودانيين.
حتى النظم الإدارية، ولباس المدارس، وبعض المفردات، جاءت من هناك.
لقد زرع السودانيون الكثير، لا طمعًا في مال، ولا سعياً للمنصب، بل لأن تلك كانت رسالتهم.
"علمناهم كل شيء..." فماذا كانت النهايه؟
اليوم، وبعد مرور أكثر من أربعة عقود، يتفاجأ السودانيون أن من كانوا طلاب الأمس، أصبحوا خصوماً في ساحات لا تخصهم.
الطائرات الإماراتية – بحسب تقارير موثقة – قصفت مناطق مدنية في السودان.
قادة الدعم السريع، تلك المليشيا التي تحرق الأخضر واليابس، يتم استقبالهم رسميًا في أبو ظبي.
وتتحدث التقارير عن دعم مالي وعسكري، وتدخلات سافرة في شؤون البلاد.
أي نكران هذا؟ وأي خيانة لذاك المعروف؟
الوفاء... درس لم نُدرّسه لهم!
المؤلم في كل هذا ليس فقط حجم الخيانة، بل توقيتها. السودان، الجريح، المنهك، الذي يئن تحت وطأة الحرب والنزوح والمجاعة، كان يحتاج اليوم وفاء أصدقائه... لا طعناتهم.
نعم، علمناهم كل شيء.
لكننا لم نعلّمهم الوفاء.
التاريخ لا يرحم
ربما تُمحى بعض الوقائع من كتب الجغرافيا، وتُزوّر بعض الحقائق في الإعلام، لكن التاريخ الحقيقي يُروى من أفواه الناس، من ذاكرة الأجيال، من دموع الأرامل وأنين الأطفال تحت القصف.
ولن يغفر السودانيون لمن باعهم، مهما حاول الإعلام تجميل صورة المغتصب.
خاتمة:
ليست القصه عن البشير، ولا عن الجاك بشير فقط.
بل عن جيلٍ كامل من السودانيين، كانوا رجال دولة حين احتاجهم العالم العربي، فبذلوا علمهم ووقتهم وأعمارهم في بناء دول الجوار.
وحين احتاجوا هم الدعم، وجدوهم يطلقون الرصاص بدلاً من كلمات الدعم.
إنه فصل مؤلم من فصول التاريخ السوداني، لكنه درس لا يُنسى.
لن ننسى أننا علمناهم كل شيء... إلا الوفاء!
لن ننسى أننا علمناهم كل شيء... إلا الوفاء!
لمعرفة المزيد عن تاريخ السودان أو تصفح قسم السياسة.
مصدر ذو صلة: الجزيرة نت
"اقرأ أيضًا: الشرطة تستعيد زمام الأمن في الخرطوم وتؤكد السيطرة بنسبة تفوق 90%"