محكمة العدل الدولية تقبل دعوى السودان ضد الإمارات بتهم الإبادة ودعم المليشيات

محكمة العدل الدولية تبدأ النظر في دعوى السودان ضد الإمارات: حيثيات قوية وتحفظات ضعيفة

في خطوة قانونية تاريخية، بدأت محكمة العدل الدولية في لاهاي، اليوم الخميس، أولى جلسات الاستماع العلنية في دعوى السودان ضد الإمارات، والتي تتعلق بتورط الإمارات في النزاع الدائر داخل السودان، وبالأخص في جرائم الإبادة الجماعية في دارفور.

ما هي خلفية الدعوى المقدمة من السودان ضد الإمارات؟

الدعوى السودانية تم تقديمها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، والتي تُعتبر واحدة من أهم الاتفاقيات الدولية في مجال القانون الدولي الإنساني. وتستند الحكومة السودانية إلى مجموعة كبيرة من الأدلة التي تدّعي من خلالها أن دولة الإمارات لعبت دوراً مباشراً في تسليح مليشيا الدعم السريع المتمردة، مما ساهم في تصاعد الصراع الداخلي وارتكاب فظائع ضد المدنيين العزل.

وبحسب ما تم عرضه في الجلسة الأولى، فإن السودان قدم حيثيات قوية ومفصلة تدعم موقفه، حيث تضمنت وثائق، تقارير استخباراتية، وشهادات حول شحنات أسلحة قادمة من الإمارات إلى مطارات تشاد، ومن ثم تُنقل براً إلى المليشيا في دارفور تحت غطاء المساعدات الإنسانية.

ماذا قالت المحكمة عن هذه الحيثيات؟

محكمة العدل الدولية أشارت بوضوح إلى أن حيثيات السودان كافية للسير في الدعوى، حيث أنها تتضمن أدلة موضوعية توضح مدى تعقيد وتشابك الدور الإماراتي في النزاع. أما بخصوص التحفظات التي قدمتها الإمارات، فقد وصفتها المحكمة بأنها "تحفظات عمومية" وغير مفصلة، وتفتقر للدقة والتحديد، مما يُضعف موقف الدفاع الإماراتي في هذه المرحلة المبكرة من القضية.

تفاصيل مثيرة في الحيثيات: أسلحة، ذهب، ومستشفيات ميدانية

السودان كشف في الجلسة أن هناك شحنات من العتاد الحربي والأسلحة تم إرسالها من الإمارات إلى مطارات في تشاد، وتحديداً إلى مطار "أم جرس"، حيث تم إنشاء مستشفى ميداني تديره الإمارات، لكنه - وفقاً للبيانات المقدمة - كان يُستخدم لدعم المليشيا المتمردة لوجستياً وطبيًا خلال المعارك.

إضافة إلى ذلك، كشفت الحكومة السودانية عن وجود شركات تتبع لمليشيا الدعم السريع تنشط في مجال التعدين واستخراج الذهب، وتقوم ببيعه للإمارات مقابل تزويدها بالسلاح. وهذا يعتبر من أخطر ما تم الكشف عنه، لأنه يُظهر وجود علاقة تجارية-عسكرية بين الطرفين.

مرتزقة وأدلة ميدانية تربط الإمارات بالصراع

واحدة من أكثر النقاط إثارة في الدعوى كانت الحديث عن مرتزقة من كولومبيا وجنسيات أخرى تم القبض عليهم في الأراضي السودانية، وهم يحملون وثائق سفر ومعدات مرتبطة بالإمارات. كما تم العثور على متعلقات عسكرية وطبية إماراتية في مناطق مثل ولاية الخرطوم، جبل موية بولاية سنار، ومواقع أخرى كانت تحت سيطرة المليشيا.

ما هي الخطوة القادمة؟

بعد الجلسة الأولى التي عقدت صباح اليوم، أدرجت المحكمة جلسة ثانية علنية من الساعة الرابعة وحتى السادسة مساءً لمواصلة الاستماع إلى حيثيات السودان، ومن المتوقع أن يتم تقديم ردود إضافية من الطرفين خلال الأيام القادمة.

هل هناك مؤشرات على توجه المحكمة؟

رغم أن المحكمة لم تُصدر بعد قراراً نهائياً بشأن التدابير المؤقتة التي طالب بها السودان، إلا أن موافقتها على السير في إجراءات الدعوى تُعد إشارة قوية على أنها ترى في الحيثيات السودانية ما يستحق النظر والتحقيق. وهذا في حد ذاته تطور كبير قد يُحدث تغيراً جذرياً في طبيعة العلاقات الدولية حول ملف السودان.

ختاماً: هل سيُحاسب من تسبب في مآسي السودان؟

يبقى السؤال الأهم الآن: هل سيتمكن السودان من محاسبة من تسببوا في معاناة الآلاف من الأبرياء؟ هل سيتحول هذا الملف إلى سابقة قانونية تُرهب الدول التي تتدخل في شؤون الدول الأخرى وتدعم المليشيات بالمال والسلاح؟ وحدها الأيام القادمة ستحمل الجواب...

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال