تقرير مسرب سري للغاية يفضح الإمارات: تورط في تسليح ميليشيا الدعم السريع

الإمارات والسودان: تقرير الأمم المتحدة السري يثير جدلًا واسعًا في مؤتمر لندن

الإمارات والسودان: تقرير الأمم المتحدة السري يثير جدلًا واسعًا في مؤتمر لندن

في تطور جديد ومثير للجدل، تزايدت الضغوط الدولية على دولة الإمارات العربية المتحدة بعد ظهور تقرير سري مسرب من الأمم المتحدة، يتهمها ضمنيًا بلعب دور محتمل في تأجيج الحرب الأهلية بالسودان، من خلال دعم قوات الدعم السريع بشحنات أسلحة غير مؤكدة عبر تشاد.

خلفية الأزمة في السودان

منذ اندلاع الحرب الأهلية في السودان في أبريل 2023، تعيش البلاد واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم، حيث نزح أكثر من 12 مليون شخص، وسط فوضى أمنية، ومذابح متكررة، وانهيار شبه تام في مؤسسات الدولة. وبينما يتهم المجتمع الدولي قوات الدعم السريع بارتكاب انتهاكات فظيعة، بما في ذلك الإبادة الجماعية، يزداد التركيز مؤخرًا على الجهات الإقليمية التي قد تكون ضالعة في دعم أحد أطراف الصراع.

مؤتمر لندن: حضور مثير للجدل للإمارات

في 15 أبريل 2025، وبالتزامن مع الذكرى السنوية الثانية للحرب، انعقد مؤتمر دولي في لانكستر هاوس بلندن، بدعوة من وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي. وكان من بين الحضور دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو ما أثار جدلاً كبيراً في الأوساط السياسية والحقوقية، خصوصاً بعد تسريب تقرير داخلي للأمم المتحدة يُشير إلى رحلات جوية متكررة من الإمارات إلى تشاد، يُعتقد بأنها جزء من "جسر جوي" يُستخدم في تهريب السلاح إلى السودان.

ماذا ورد في التقرير السري؟

التقرير الذي أعدّه فريق من خمسة خبراء تابعين للأمم المتحدة وتم تسليمه إلى لجنة عقوبات السودان في مجلس الأمن، كشف عن 24 رحلة طيران من طراز "إليوشن إيل-76 تي دي" انطلقت من مطارات إماراتية – أبرزها مطاري رأس الخيمة والعين – إلى مطار أمجراس في تشاد، خلال العام الماضي.

اللافت في هذه الرحلات الجوية هو اختفاؤها عن الرادار خلال "لحظات حاسمة"، مما أثار شبهات حول عمليات سرية متعمدة.

لا أدلة قطعية لكن الشكوك قائمة

رغم هذه البيانات اللافتة، شدد التقرير الأممي على أنه لا يوجد دليل قاطع حتى الآن يثبت أن هذه الطائرات كانت تحمل أسلحة لقوات الدعم السريع. وأوضح أربعة من أصل خمسة خبراء أن المعلومات المتوفرة "لم تستوفِ المعايير الإثباتية المطلوبة".

لكن مع ذلك، أشار التقرير إلى أن نمط الرحلات وتوقيتها يتزامن مع تصاعد الهجمات على مدينة الفاشر، وزيادة في استخدام الطائرات بدون طيار من قبل قوات الدعم السريع، مما يُثير المزيد من التساؤلات حول طبيعة هذا "الجسر الجوي".

موقف الإمارات الرسمي

من جانبها، نفت دولة الإمارات العربية المتحدة بشدة كل هذه الاتهامات. وقالت في بيان رسمي إن ما ورد في التقرير مجرد ادعاءات غير موثقة، وأضافت أن لجنة عقوبات السودان نفسها أقرتها بأنه "لم يتم التوصل إلى أي نتائج سلبية" ضد الإمارات في التقرير النهائي الذي لم يُشر إليها إلا في سياق دعم جهود السلام.

كما وصفت الإمارات القضية المرفوعة ضدها أمام محكمة العدل الدولية من قِبل السودان بأنها "حملة دعائية بحتة" و"استغلال سياسي للقضاء الدولي".

تفاعل المجتمع الدولي

الدبلوماسيون والناشطون الحقوقيون يرون أن تجاهل هذه الاتهامات في مؤتمر لندن يعدّ سابقة خطيرة في السياسة الخارجية البريطانية. وأعرب عدد من المسؤولين عن قلقهم من أن دعوة الإمارات قد تفسر كـ"شرعنة غير مباشرة" لدورها المشبوه في الصراع السوداني.

وقال أحد الدبلوماسيين للغارديان – بشرط عدم ذكر اسمه – "من المعيب أن تستضيف بريطانيا دولة متهمة بالمساهمة في الإبادة الجماعية ضد المدنيين في السودان، بينما تدعي السعي لتحقيق السلام".

هل نحن أمام سيناريو دعم خفي؟

قد لا يكون هناك دليل مادي دامغ حتى اللحظة، لكن ترابط الأحداث والأنماط الزمنية والارتباط بشركات لها سوابق في تهريب الأسلحة يعزّز الشكوك. ويزداد القلق من أن تكون هناك شبكة لوجستية إقليمية تساهم في إطالة أمد الحرب في السودان، مما يُهدد الاستقرار في القرن الإفريقي كله.

أهمية التحقيق الشفاف

الوضع في السودان لا يحتمل المزيد من الغموض، وهناك حاجة ملحة لتحقيق شفاف، نزيه، وتعاون دولي حقيقي لوقف تدفق الأسلحة ومعاقبة من يثبت ضلوعه في تأجيج الحرب. وعلى المجتمع الدولي – وخاصة الدول الكبرى – أن تضع حماية المدنيين فوق المصالح الاقتصادية والسياسية.

خاتمة

في الوقت الذي يعاني فيه السودانيون من ويلات الحرب، يجب أن تكون الأولوية القصوى هي وقف النزاع، ومحاسبة الجناة، ومنع أي تدخل خارجي يزيد الطين بلة. ولن يتحقق ذلك إلا إذا كانت المؤتمرات الدولية مثل مؤتمر لندن أدوات حقيقية للسلام، وليس مجرد منصات دبلوماسية لتلميع الصورة أو تجاهل الجرائم المستترة.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال