| الناطق الرسمي بأسم جيش تحرير السودان |
الفاشر تحت النار: مأساة إنسانية ومعركة وجودية تهدد مستقبل السودان بأكمله
في ظل التصعيد العسكري الكبير في إقليم دارفور، وتحديداً في مدينة الفاشر، تتصاعد وتيرة الأحداث بشكل دراماتيكي ينذر بكارثة إنسانية قد تتجاوز حدود المدينة وتصل تأثيراتها إلى عموم السودان. وقد أصدرت حركة جيش تحرير السودان تصريحاً نارياً يؤكد فيه عزمهم الدفاع عن مدينة الفاشر بكل ما أوتوا من قوة، بعد أن أصبحت المدينة هدفاً مباشراً لهجمات المليشيا التي تُتهم بارتكاب جرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي.
حصيلة دموية تتصاعد يومياً
وفقاً للتصريح الصحفي الصادر بتاريخ 13 أبريل 2025، فإن المليشيا المسلحة تواصل هجومها الهمجي لليوم الثالث على التوالي، حيث تستخدم المدفعية الثقيلة وتشن هجمات برية شرسة باتجاه معسكري زمزم وأبوشوك وكذلك داخل مدينة الفاشر نفسها. وتشير الأرقام إلى سقوط أكثر من 450 شهيد حتى الآن، إضافة إلى آلاف الجرحى والمصابين، في مشاهد تُعيد إلى الأذهان مجازر سابقة شهدتها مناطق مثل الجنينة وكتم وغيرها.
المؤلم أكثر هو الأنباء المؤكدة عن قيام المليشيا بإعدام 9 من موظفي منظمة الإغاثة العالمية داخل مكاتبهم في معسكر زمزم، في جريمة بشعة هزت الضمير الإنساني وأظهرت مدى الوحشية التي تُمارس على المدنيين والعاملين في المجال الإنساني.
نزوح جماعي.. ومدينة تختنق
الهجوم تسبب في نزوح عشرات الآلاف من المدنيين نحو مدينة الفاشر سيراً على الأقدام، في ظل ظروف إنسانية قاسية جداً. لقد امتلأت منازل المدينة بالمواطنين الفارين من جحيم الحرب، واضطر كثيرون إلى اللجوء للمدارس والمراكز العامة، بينما اضطر آخرون إلى افتراش الأرض تحت الأشجار وتحت شمس دارفور اللاهبة.
وفي الوقت الذي يُفترض أن تتدخل فيه الحكومة والمنظمات الدولية لتقديم المساعدات، فإن مياه الشرب والطعام والدواء تكاد تكون منعدمة، الأمر الذي ينذر بحدوث مجاعة وانتشار الأوبئة في أي لحظة.
تطهير عرقي موثّق.. وهدف واضح لتغيير ديموغرافي
بحسب تصريح حركة جيش تحرير السودان، فإن المليشيا تسعى بشكل واضح إلى تنفيذ مخطط تطهير عرقي وتغيير ديموغرافي في دارفور. وقد لجأت إلى توثيق جرائمها بالفيديوهات التي تُنشر على وسائل التواصل الاجتماعي، في محاولة منها لترويج خطاب الكراهية والتفاخر بالعنصرية.
تقول الحركة أن الهدف الحقيقي للمليشيا هو تفريغ دارفور من سكانها الأصليين وجلب مستوطنين جدد من عرب الشتات، وهي سياسة إذا استمرت، ستغير ملامح الإقليم إلى الأبد وتهدد وحدة السودان وسلامه الاجتماعي.
سقوط الفاشر يعني سقوط السودان
المخاوف الكبرى التي تثيرها الحركة في بيانها هي أن سقوط مدينة الفاشر سيكون بمثابة بداية لسقوط بقية مدن السودان، واحدة تلو الأخرى. وهذا الأمر ليس تهويلاً إعلامياً بقدر ما هو قراءة واقعية لسير المعارك خلال الأشهر الماضية، فكل منطقة تسقط، تتبعها أخرى ما لم يتم التحرك العاجل من الجهات المعنية.
أين الدعم الحكومي؟ وأين الطيران العسكري؟
من النقاط المقلقة التي طرحها البيان هي توقف الطلعات الجوية التي كانت تنقل مواد الإغاثة إلى الفاشر. وتشير المعلومات المتداولة بين المواطنين أن الطيران قد لا يعود قريباً، وهو ما يعمّق من أزمة الغذاء والدواء.
كما أن هناك تساؤلاً مشروعاً حول القوة العسكرية الكبيرة التي جُهّزت في مدينة الدبة منذ أكثر من شهرين لدعم الفاشر، ولماذا لم تتحرك حتى الآن رغم الكارثة التي تتسع كل يوم.
دعوة مفتوحة لكل السودانيين
في ختام البيان، وجّه الناطق الرسمي بأسم حركة جيش تحرير السودان نداءً عاجلاً لكل أبناء السودان، وخاصة أبناء دارفور، للمشاركة في هذه المعركة الوجودية بكل الوسائل الممكنة. دارفور، كما قال، لا يجب أن تقاتل وحدها. وعلى الجميع أن يدركوا أن معركة الفاشر ليست معركة جغرافيا محلية، بل معركة مصير لسودان بأكمله.
كلمة أخيرة: ماذا بعد؟
في ظل هذه الفوضى، تبدو الحاجة ملحة لتحرك عاجل وسريع على عدة مستويات:
- تدخل مباشر من قيادة القوات المسلحة السودانية.
- دعم لوجستي وإنساني مكثف من المجتمع الدولي.
- تحرك شعبي سوداني من كل الولايات دعماً لأهل الفاشر.
التاريخ لا يرحم، والسكوت اليوم قد يكون وصمة في جبين كل من توانى عن الدفاع عن الفاشر وأهلها. إنها معركة أخلاقية قبل أن تكون عسكرية، فهل سننتظر حتى تتحول الفاشر إلى ذكرى مثل الجنينة؟