حركة تحرير السودان: بيان الدعم السريع "لا يساوي الحبر الذي كُتب به"
في تطوّر جديد للمشهد العسكري المحتدم في دارفور، خرج الباشمهندس محمد آدم كش، رئيس حركة جيش تحرير السودان – قيادة مناوي بولاية شمال دارفور، بتصريحات نارية رد فيها على البيان الأخير الصادر عن مليشيا الدعم السريع، والذي وصفه بأنه "لا قيمة له ولا يساوي الحبر الذي كتب به".
خلفية المشهد: الدعم السريع تحاول الضغط الإعلامي
في بيان جديد، دعت مليشيا الدعم السريع المقاتلين من الجيش والقوات المشتركة إلى مغادرة مدينة الفاشر "بشكل آمن"، حسب زعمها، متعهدة بتأمين ممرات الخروج وضمان سلامة كل من يلقي السلاح. وذهبت المليشيا لأبعد من ذلك، حين زعمت أن عناصر الجيش هم "ضحايا للتضليل الذي مارسته الحركة الإسلامية على مدار ثلاثين عاماً".
لكن هذه الدعوة لم تلقَ صدىً كبيراً، لا من جانب الجيش السوداني، ولا من القوات المتحالفة معه على الأرض. واعتبرها مراقبون محاولة دعائية فاشلة تستهدف بث الرعب وإحداث شرخ معنوي في صفوف المدافعين عن الفاشر.
رد صارم من حركة تحرير السودان
في تصريح خاص لوسيلة الإعلام "دارفور الآن"، قال محمد آدم كش إنّ "البيان الأخير للدعم السريع هو مجرد محاولة فاشلة لخداع المواطنين بعد فشلهم المتكرر في اقتحام مدينة الفاشر". وأكّد في حديثه أن المقاتلين في المدينة "لا تعنيهم مثل هذه البيانات لا من قريب ولا من بعيد"، مضيفاً بحزم: "سنظل نقاتلهم حتى نستعيد كل دارفور".
وتُعد هذه ليست المرّة الأولى التي تحاول فيها قوات الدعم السريع استخدام أسلوب "الإعلام الموجّه" لبث الذعر أو دفع المقاتلين إلى الانسحاب. ففي 20 يناير الماضي، أمهلت المليشيا المقاتلين 48 ساعة لإخلاء الفاشر، ولكنها لم تحقّق أي تقدّم يُذكر، لتُثبت الوقائع مجددًا أن صمود الفاشر ليس بالأمر الهيّن.
الوضع الميداني: الفاشر صامدة والهجوم فشل مجددًا
وفيما يتعلق بالميدان، فقد أعلنت القوات المسلحة السودانية والقوات المشتركة المتحالفة معها صدّها لهجوم عنيف جديد على مدينة الفاشر يوم أمس، مؤكدة أنّها حققت النصر في "المعركة رقم 208"، في سلسلة طويلة من المواجهات المتواصلة.
ويشير تكرار الهجمات إلى أنّ الدعم السريع تسعى بشتى الوسائل لكسر شوكة المقاومة في المدينة الاستراتيجية، والتي تُعد إحدى آخر معاقل الحكومة السودانية في إقليم دارفور. لكن صلابة الدفاعات هناك، وتكاتف القوى المناهضة للتمرد، لا تزال تعيق أي تقدّم فعلي للمليشيا.
لماذا التركيز على الفاشر؟
تكتسب مدينة الفاشر أهمية استراتيجية كبيرة لعدة أسباب:
موقعها الجغرافي في شمال دارفور يجعلها نقطة ربط مهمة بين الإقليم والعاصمة الخرطوم.
رمزيتها السياسية والتاريخية كمركز إداري وتاريخي قديم.
احتضانها لقوى مسلحة وطنية وحركات مقاومة دارفورية، ما يجعلها شوكة في حلق الدعم السريع.
وبينما تحاول المليشيا تصوير نفسها كـ"منقذ" و"مُخلص" من قبضة ما تسميه "التضليل الإسلامي"، فإن الوقائع على الأرض تشير إلى أن غالبية المكونات العسكرية والسياسية في الفاشر ترفض أي نوع من الحوار مع المليشيا، معتبرينها قوة انقلابية خارجة عن القانون ومارست انتهاكات واسعة ضد المدنيين.
مشهد أكثر تعقيدًا من مجرد "نداء"
ما يثير الاستغراب في نداء الدعم السريع هو تجاهله لحقيقة الانتهاكات التي ارتكبتها في مناطق متعدده من دارفور، بما في ذلك جرائم القتل الجماعي، النهب، والاغتصاب، ما يجعل مصداقيتها مفقودة بالكامل في أعين المواطنين.
كما أن محاولة فصل عناصر الجيش عن قيادتهم عبر خطاب عاطفي تدعي فيه المليشيا أنهم "ضحايا تضليل"، قد تبدو خطوة يائسة بعدما فشلت كل محاولات التقدم ميدانيًا، وخاصة في الفاشر.
رسائل مضمّنة من كش إلى الشعب
تصريحات الباشمهندس محمد آدم كش لم تكن موجّهة فقط إلى الدعم السريع، بل كانت أيضًا رسالة للمواطنين بأن قواتهم المقاتلة لا تزال في مواقعها وتقاتل ببسالة، وأنه "لا تنازل ولا انسحاب"، إلى حين "استعادة كل دارفور"، على حد تعبيره.
هذا النوع من الخطاب يلعب دورًا هامًا في رفع الروح المعنوية، كما يكشف بوضوح أن التحالفات داخل دارفور آخذة في التماسك، وأنّ الدعم السريع بدأت تفقد زمام المبادرة في هذا الإقليم الذي ظنّت يوماً أنه سيكون نقطة انطلاقها نحو السيطرة الكاملة.
يمكن القول إن البيان الأخير الصادر عن مليشيا الدعم السريع لم يكن سوى محاولة إعلامية لخلط الأوراق، وهو ما تم الرد عليه بقوة وحزم من قِبل حركة جيش تحرير السودان قيادة مناوي. وبينما تواصل المليشيا محاولاتها اختراق الفاشر، تبقى المدينة حتى الآن عصية على السقوط، بفضل التماسك العسكري والتلاحم الشعبي في وجه التمرد.
دارفور تقاوم، والفاشر صامدة، ورسائل الحرب واضحة: لا استسلام، لا تفاوض، حتى النصر.
