تحالف الحلو وحميدتي: هل يشكل بداية لتقسيم السودان أم خطوة نحو فيدرالية جديدة؟
حكومة "السلام والوحدة" تثير جدلاً واسعًا في المشهد السوداني
في تطور جديد ومثير للساحة السياسية في السودان، كشف مصدر مطّلع عن تفاهمات سرية جرت بين قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) والحركة الشعبية – شمال التي يقودها عبد العزيز الحلو. هذه التفاهمات، التي لم تُعلن رسميًا بعد، تقضي بمنح الحركة الشعبية رئاسة الوزراء ووزارة الدفاع ضمن حكومة موازية يُخطط لتشكيلها تحت مسمى "حكومة السلام والوحدة".
رئاسة الوزراء ووزارة الدفاع: مطالب الحلو في التفاهمات الجديدة
بحسب ما أفاد به المصدر لصحيفة «سودان تربيون»، فقد اشترطت الحركة الشعبية الحصول على وزارة الدفاع كجزء أساسي من الترتيبات السياسية الجديدة. هذا الشرط يُظهر رغبة الحلو في التحكم بالمؤسسة العسكرية، خاصة بعد سنوات من القتال والنزاعات في جبال النوبة.
وفي سياقٍ متصل، أكد المصدر أن مسؤولاً مدنياً من الحركة الشعبية سيتولى رئاسة الوزراء، في خطوة تعكس توافقاً نسبياً بين الطرفين على تقاسم السلطة التنفيذية.
تحالف "تأسيس": ملامح الحكومة الجديدة وتوزيع المناصب السيادية
كشف المصدر عن اتفاق ضمن مجموعة "تحالف تأسيس" يقضي بتكوين حكومة على ثلاث مستويات:
مجلس رئاسي
مجلس وزراء
سلطة تشريعية
كما تم الاتفاق على تشكيل مجلس سيادي من 15 عضواً، إلى جانب تسمية عدد من الوزارات المهمة مثل وزارة الخارجية والصحة والتعليم. هذه الخطوة توضح أن الأمر ليس مجرد تفاهمات عابرة، بل خطة متكاملة لتشكيل سلطة سياسية موازية للحكومة المركزية في الخرطوم.
نظام فيدرالي وأقاليم جديدة: العودة إلى الفيدرالية كحل سياسي؟
من أبرز ما ورد في هذه التفاهمات هو الاتجاه نحو إنشاء أقاليم جديدة تتبع نظام الحكم الفيدرالي، وهي فكرة تجد قبولاً واسعًا لدى بعض القوى السياسية، بينما تعتبرها جهات أخرى خطوة نحو تفكيك السودان.
تشكيل شرطة فيدرالية في مناطق سيطرة الدعم السريع والحركة الشعبية – شمال يعزز المخاوف من تقسيم فعلي للأراضي السودانية، خصوصاً في ظل غياب أي مشاركة واضحة للحكومة المركزية في هذه الترتيبات.
السرية والتكتم: لماذا لم تُعلن الحكومة الموازية بعد؟
أوضح المصدر أن تأخر إعلان الحكومة الموازية يرجع إلى "تفاصيل تأمينية" في بعض المناطق، دون الكشف عن طبيعتها. التكتم الشديد حول الاجتماعات التي تُعقد في نيروبي منذ التوقيع على الدستور الانتقالي في مارس الماضي، يثير تساؤلات كثيرة حول أهداف هذه الأطراف من تشكيل كيان سياسي مستقل.
تحذيرات دولية: هل نحن أمام انقسام وشيك للسودان؟
العديد من الدول والمنظمات الدولية أبدت قلقها العميق من إعلان حكومة موازية، محذرة من أن ذلك قد يؤدي إلى انقسام السودان بشكل نهائي. الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وبعض الدول الغربية تعتبر هذه الخطوة تهديداً مباشراً لوحدة البلاد، وتدعو إلى العودة للمسار التفاوضي تحت مظلة الحكومة المركزية.
السودان على مفترق طرق – وحدة وطنية أم فيدرالية مشروطة؟
ما يحدث اليوم بين حميدتي والحلو قد يُشكل تحولاً جوهرياً في مستقبل السودان. فبينما يرى البعض أن الفيدرالية حلٌّ مناسب لحالة التعدد الإثني والسياسي، يرى آخرون أن تشكيل حكومة موازية بهذه الطريقة هو بمثابة إعلان غير رسمي لتقسيم البلاد.
الأسابيع القادمة ستكون حاسمة، فإما أن تؤدي هذه التفاهمات إلى سلام دائم وتنمية حقيقية، أو تنزلق البلاد إلى صراع مفتوح لا تحمد عقباه.
