مجزرة تنقلي بجنوب كردفان: مقتل ثلاثة من الكواليب بهجوم لمليشيا الدعم السريع

مذبحة تنقلي: تصاعد العنف بجنوب كردفان وسط اتهامات للحلو والدعم السريع بمخطط تهجيري

في مشهد دموي جديد يضاف إلى سلسلة الانتهاكات المتكررة في جنوب كردفان، قُتل يوم الخميس 24 أبريل 2025 ثلاثة من أبناء قبيلة النوبة (الكواليب)، في منطقة تنقلي بولاية جنوب كردفان، إثر هجوم مسلح شنته مجموعة تنتمي لمليشيا الدعم السريع المتمردة من قبيلة الحوازمة.

وبحسب مصادر محلية، وقع الهجوم أثناء عودة الضحايا من سوق كرتالا بعد بيع محاصيلهم الزراعية، حيث كانوا يستقلون دراجتين بخاريتين. وقد نصبت المجموعة المهاجمة كمينًا باستخدام ست دراجات نارية، وقامت بإطلاق النار بشكل مكثف على الضحايا، ما أدى إلى مقتلهم على الفور، ثم سرقت ممتلكاتهم ولاذت بالفرار.

حالة غضب عارم واتهامات متصاعدة

أثار الحادث موجة غضب عارم وسط أبناء قبيلة الكواليب الذين اعتبروا الهجوم جزءًا من مخطط ممنهج لاستهداف المكونات الأصلية في جبال النوبة. وتصاعدت الاتهامات بشكل خاص تجاه قيادة الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، برئاسة المتمرد عبد العزيز الحلو، حيث اتُهم بتسهيل دخول عناصر مليشيا الدعم السريع إلى مناطق النوبة، في إطار سياسة تهدف إلى تهجير السكان الأصليين وإحداث تغييرات ديموغرافية.

وزادت حدة الاتهامات لتشمل قادة من أبناء الكواليب أنفسهم داخل الجيش الشعبي، الذين اتهمهم ناشطون بالتغاضي عن جرائم المليشيا مقابل مكاسب مالية أو سياسية، مما عمّق حالة الانقسام وفقدان الثقة بين أبناء المنطقة.

خلفيات الصراع: تحالفات غامضة ومصالح متشابكة

يأتي هذا التطور في سياق معقد يتداخل فيه الصراع المسلح مع التنافس القبلي والمصالح السياسية. فمنذ اندلاع التمرد المسلح في السودان في أبريل 2023، برزت مليشيا الدعم السريع كلاعب رئيسي في المشهد السوداني، رغم ما ارتكبته من انتهاكات واسعة ضد المدنيين.

وتشير تقارير حقوقية إلى أن الدعم السريع، رغم تراجع سيطرته في بعض المناطق، يسعى حاليًا إلى إعادة التموضع في مناطق الهامش مثل جنوب كردفان و دارفور عبر تحالفات مؤقتة مع بعض الفصائل المسلحة، بما فيها الحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو، الذي يبدو مستفيدًا من استنزاف المكونات القبلية الأخرى لتثبيت سيطرته على الإقليم.

ويحذر مراقبون من أن دخول عناصر الدعم السريع إلى جبال النوبة يهدد بنقل نمط الانتهاكات المعروف عن المليشيا إلى مناطق كانت حتى وقت قريب أقل تضررًا، مما ينذر بموجة تهجير قسري جديدة ونزاعات مسلحة أشد ضراوة.

جهود احتواء التوتر

على خلفية هذه التطورات، أعلنت رئاسة الجبهة الأولى بالحركة الشعبية عن تحريك قوة عسكرية من اللواء الثالثالشرقية إلى منطقة تنقلي بهدف السيطرة على الموقف واحتواء الغضب المتزايد. وتحدثت مصادر عسكرية عن أوامر مشددة لضبط الأمن وملاحقة الجناة، لكن الشكوك لا تزال قائمة حول جدية هذه التحركات في ظل الاتهامات المتزايدة بتورط بعض قادة الحركة الشعبية في التواطؤ مع مليشيا الدعم السريع.

مخاوف من انفجار أوسع

المراقبون يحذرون من أن الحادث قد لا يكون معزولًا، بل قد يشكل مقدمة لسلسلة من الاعتداءات التي تهدف إلى تغيير طبيعة التوازن السكاني في جبال النوبة. ويخشى أن تؤدي حالة الغضب والاحتقان المتصاعد إلى نشوب صراع قبلي واسع النطاق، لا سيما في ظل ضعف آليات الحماية المحلية وتدهور الوضع الأمني.

وفي ظل هذا المشهد القاتم، تتعالى الأصوات المطالبة بتحقيق دولي مستقل لكشف حجم الجرائم والانتهاكات المرتكبة في جنوب كردفان، ومحاسبة المسؤولين عنها، سواء من عناصر الدعم السريع أو من المتواطئين المحليين.

خلاصة

تؤكد مجزرة تنقلي أن السلام في جنوب كردفان لا يزال بعيد المنال، وأن المليشيات المسلحة لا تزال تمثل التهديد الأكبر لأمن واستقرار المجتمعات الهشة. وبينما تتورط أطراف متعددة في إذكاء نيران الفتنة، يبقى المواطن البسيط هو الضحية الأولى والأخيرة لصراع المصالح والسلطة.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال