هجوم بورتسودان.. تأكيد جديد على أن الحرب ليست تمرداً بل عدوان خارجي منظم
الناطق الرسمي باسم الحكومة السودانية ووزير الثقافة والإعلام
في صبيحة يوم الأحد الرابع من مايو 2025م، وبينما كان أهلنا في مدينة بورتسودان يمضون يومهم كباقي الأيام، تعرضت المدينة لهجوم غادر نفذته ميليشيا الدعم السريع الإجرامية، بدعمٍ وتنسيقٍ مباشر من الخارج، وتحديداً من دولة الإمارات العربية المتحدة، التي بات تدخلها في الشأن السوداني لا يخفى على أحد.
لقد استُخدمت في هذا الهجوم سبع طائرات مسيرة انتحارية، جُهزت بأحدث التقنيات ونُفذت بخطط عسكرية لا تملكها جماعات متمردة أو خارجة عن القانون، بل جيوش مدربة تمتلك غرف عمليات وموارد استخباراتية متقدمة. هذه الطائرات شكّلت غطاءً لهجومٍ آخر قامت به طائرة استراتيجية استهدفت قاعدة عثمان دقنة الجوية، وأحدثت أضراراً مادية في أحد الجملونات داخل القاعدة، دون أن تسجل إصابات بشرية ولله الحمد.
بفضل الله ثم بفضل يقظة قوات الدفاع الجوي، تمكنا من إسقاط وتحييد كل الطائرات المسيرة الانتحارية، مما قلل من الخسائر ومنع تفاقم الوضع. ولكن، لم يكن الهدف من هذا الهجوم تحقيق انتصار عسكري في ميدان المعركة، بل كان الهدف سياسيًا وإعلاميًا، رسالة واضحة من ممولي الفوضى بأنهم لا يزالون على عهدهم في دعم التمرد وتفكيك السودان دولة وشعباً.
العدوان الخارجي: الأدلة تتراكم وتتكشف
لقد ظلت الحكومة السودانية تحذر منذ شهور من أن الحرب الجارية في بلادنا ليست مجرد صراع داخلي، بل هي عدوان خارجي مكتمل الأركان، تُديره غرف سوداء في أبوظبي، وتُشرف عليه قيادات عسكرية وأمنية في دولة الإمارات، التي تزود الميليشيا المتمردة بالطائرات المسيّرة، والذخائر، والدعم اللوجستي، بل وحتى التخطيط الميداني في بعض العمليات النوعية.
نحن لا نتحدث هنا عن إشاعات أو تحليلات سياسية، بل عن حقائق ميدانية وتقارير استخباراتية موثقة، ودلائل مادية على الأرض. ما حدث في بورتسودان لم يكن ليقع لولا دعم مباشر من قوى إقليمية، ترى في وحدة السودان واستقراره تهديداً لمصالحها، وتسعى لتقسيمه وتحويله إلى دويلات ضعيفة متصارعة.
خطر على الأمن الإقليمي والدولي
هذا الهجوم يجب أن يُقرأ ليس فقط كتهديد للأمن السوداني، بل كناقوس خطر يدق أبواب الإقليم بأسره. إذا سمح المجتمع الدولي باستمرار هذه التدخلات، فإن النار التي تُشعل في السودان اليوم ستصل إلى غيره غداً، لأن الطائرات المسيّرة التي تُطلق من غرف تحكم في أبوظبي اليوم، قد تُوجّه غدًا إلى عواصم أخرى.
لقد أصبحت الإمارات، وبكل أسف، مركزاً لتصدير عدم الاستقرار في إفريقيا، ومنصة لتمويل وتسليح الجماعات الخارجة عن القانون. إن السكوت عن هذا العدوان المتكرر سيفتح الباب أمام فوضى غير مسبوقة في المنطقة، وسيشكّل سابقة خطيرة في القانون الدولي، حيث تتجاوز الدول حدودها وتشن حروباً بالوكالة دون حساب أو عقاب.
دعوة للتحرك العاجل
من هنا، فإننا نُجدد الدعوة لكل الدول العربية والإفريقية، ولكل القوى المؤثرة في المجتمع الدولي، أن تتحمل مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية، وتُوقف هذا العبث فوراً. يجب أن يكون هناك موقف موحد، واضح، ضد دعم الميليشيات بالسلاح والتقنية، وضد تحويل أراضي الدول إلى منصات لشن الحروب على الجيران.
كما نطالب الأمم المتحدة بإجراء تحقيق عاجل وشفاف في مصدر هذه الطائرات، وفي الجهات التي تمول وتخطط للهجمات ضد الأراضي السودانية. إن السكوت عن هذه الجرائم لن يزيدنا إلا إصراراً على كشف الحقيقة، وملاحقة الجناة، والدفاع عن سيادة السودان بكل ما نملك.
السودان لن يُكسر
نؤكد أن السودان، برغم ما يمر به من تحديات جسام، لن يُكسر ولن يُركع. شعبنا العظيم، الذي قدّم التضحيات تلو التضحيات، سيبقى واقفًا صامدًا في وجه كل من تسوّل له نفسه المساس بوطنه. المعركة اليوم ليست فقط مع ميليشيا متمردة، بل مع شبكة دولية تُخطط وتنفذ وتُشرف على تمزيق بلدنا، ولكننا لها بالمرصاد.