كشفت تقارير موثوقة عن عبور عشرات طائرات الشحن العسكرية الإماراتية للأجواء السودانية في عام 2023، يُرجح أنها كانت تحمل شحنات من الأسلحة والمعدات القتالية لمليشيا الدعم السريع، وذلك دون علم أو موافقة الجيش السوداني، ما أثار دعوات واسعة لفتح تحقيق عاجل مع الجهة التي أصدرت التصاريح.
رغم إغلاق المجال الجوي بعد اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023، استثنت السلطات رحلات الإغاثة وإجلاء الأجانب. ولاحقًا، فُتح المسار الجوي الشرقي في 31 يوليو 2024. لكن مصادر مطلعة في هيئة الطيران المدني أكدت أن دائرة النقل الجوي أصدرت 109 تصاريح عبور لطائرات شحن عسكرية من طراز إليوشن "إيل-76" بين مايو ويوليو 2023 دون علم الجيش.
وأوضحت أن هذه الطائرات انطلقت من الإمارات، مرورًا بمطار عنتيبي في أوغندا، ومنه إلى جنوب السودان، ثم عبرت الأجواء السودانية لتحط في مطار أم جرس التشادي. وتضمنت الرحلات 9 طائرات، أبرزها UR-ZAR (ZetAvia) الأوكرانية، وEX-76005 وEX-76008 (Sapsan Airlines/Bu Shames FZE) القيرغيزية، وUR-FSA وUR-FSC وUR-FSE التابعة لـ Fly Sky Airlines.
وذكرت المصادر أن وكيل رسوم العبور الجوي أمر بإصدار فواتير للرحلات رغم منح التصاريح دون إشعار المسؤولين العسكريين. ووفقًا لاتفاق 2016 مع منظمة الطيران المدني الدولي، كانت الملاحة الجوية في جنوب السودان تخضع لإشراف الخرطوم.
وطالبت الجهات المختصة بفتح تحقيق يشمل جميع مسؤولي دائرة النقل الجوي الذين كانوا في مواقع القرار من مايو إلى سبتمبر 2023. وتخضع تصاريح العبور عادةً لتدقيق يشمل التسجيل والنداء والحمولة وخط السير، وبعضها يتطلب موافقة الخارجية والجهات العسكرية.
وفقًا للتقارير، نفذت هذه الطائرات 57 رحلة على الأقل بين 16 مايو و15 يوليو 2023، منها 39 رحلة لفلاي سكاي إيرلاينز، و10 لسابسان، و5 للطريق الجديد، و3 لزيتافيا.
وفي 15 أكتوبر 2024، أفاد "مرصد النزاعات" التابع لوزارة الخارجية الأمريكية برصد 35 رحلة من الإمارات إلى أم جرس بين يونيو 2023 ومايو 2024، ثلاث منها على الأقل لطائرات مرتبطة بعمليات تهريب سلاح سابقة لصالح خليفة حفتر في ليبيا.
أكدت صور الأقمار الصناعية وجود منشآت عسكرية في مطار أم جرس، تتضمن حظائر وسواتر، ما يثير الشكوك حول ادعاءات الإمارات بأن المطار مخصص فقط للمستشفى المزعوم لمعالجة اللاجئين السودانيين، رغم تمركز اللاجئين في مدينة أدري، واحتجاجاتهم على استغلال المطار.
في تقرير لوكالة "رويترز" بتاريخ 12 ديسمبر، تم رصد 170 رحلة من الإمارات إلى أم جرس، منها 86 رحلة من مطارات العين وأبوظبي ورأس الخيمة، وتوقفت بعض الرحلات في مطارات نيروبي ومومباسا (كينيا)، عنتيبي (أوغندا)، كيغالي (رواندا)، وبوصاصو (الصومال).
وبعد تصاعد الضغوط، غيرت أبوظبي وجهات الجسر الجوي العسكري، وبدأت بنقل الأسلحة عبر شبكة لوجستية جديدة تضم خمس دول إفريقية، انطلاقًا من قاعدتها العسكرية في بوصاصو بالصومال. يشمل المسار الجديد نيجيريا، أفريقيا الوسطى، جيبوتي، ومطاري إنجمينا و أبشي في تشاد، وصولًا إلى مطار نيالا في جنوب دارفور.
في 21 سبتمبر 2024، هبطت أول طائرة في مطار نيالا بعد إعادة تشغيله بواسطة مليشيا الدعم السريع، التي عززت حمايته بأنظمة تشويش وحماية جوية يُعتقد أنها إماراتية الصنع. وأكدت تقنيات الرصد الجوي مثل "FLIGHT RADAR 24" و"ADS.B TRACKER" هبوط ما لا يقل عن 115 رحلة في نيالا.
أغلب هذه الرحلات انطلقت من بوصاصو مرورًا بتشاد، وأحيانًا حطت في مهابط ترابية بكردفان. وتبلغ حمولة هذه الطائرات بين 100 و120 طنًا، وتُطفأ أجهزة التتبع بمجرد مغادرة تشاد لإخفاء وجهتها الحقيقية.
في تقرير حديث لـ"ميدل إيست آي" بتاريخ 24 أبريل 2025، تم التأكيد على استخدام مطار بوصاصو يوميًا لتهريب السلاح للدعم السريع، حيث تُحمّل الطائرات بشحنات ضخمة تصل إلى خمس دفعات في الرحلة الواحدة. كما كشفت الصحيفة عن تركيب رادار عسكري إسرائيلي من طراز ELM-2084 لحماية المطار من الهجمات الحوثية.
وذكرت المصادر أن الطائرات بدأت تغادر مطار نيالا محملة بالبضائع، يُعتقد أنها تشمل الصمغ العربي، الذهب، النحاس، وربما تهريب آثار ومقاتلين جرحى. وأكد تقرير لخبراء الأمم المتحدة في أبريل أن الدعم السريع يشترون الذهب من حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور، من منجم شرق جبل مرة، الذي ينتج ما بين 2 إلى 3 كجم يوميًا، ويباع الكيلو في المناجم بـ72 ألف دولار، بينما يصل في الأسواق إلى 85 ألف دولار.